هل فشلت في اختبار كنت تشعر بالقلق تجاهه؟ أو كنت تمر بموقف سيء وشعرت بعدم بالراحة أو الاطمئنان؟ يحدث هذا مع الجميع ودائمًا. ففي حياتنا اليومية، يواجه الجميع تقلبات الحياة المختلفة بين الحين والآخر. إلا أنه في نهاية المطاف، يمر الوقت وتمر المواقف باختلافاتها، ويصبح مزاجنا أفضل ونصبح “أنفسنا” مرة أخرى. لكن بعكس هذا هنا، فإن الأفراد الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب يمرون بتقلبات مزاجية حادة تسبب اضطرابًا شديدًا في حياتهم اليومية.
اضطراب ثنائي القطب، الهوس والاكتئاب، الاضطرابات العاطفية بين القطبين.
المصطلحات الثلاثة جميعها مرادفات لبعضها البعض وهي مسميات أيضًا لاضطراب الصحة العقلية الذي يؤثر على ما يقرب من 3 ٪ من السكان الأمريكيين.
نظرة أدق لما يعنيه اضطراب ثنائي القطب
يمكن اعتبار الأعراض الكلاسيكية لـ اضطراب الثنائي القطب هي التغيرات الدورية المتكررة في المزاج، بالتناوب بين فترات المزاج المرتفع (الهوس أو الانتشاء) وفترات الاكتئاب. إذا كان لديك اضطراب ثنائي القطب؛ ففي بعض الأوقات قد تشعر بالحيوية والنشاط الزائد والسعادة المفرطة بشكل غير طبيعي، وقد تقوم باتخاذ قرارات غاية في التهور والاندفاع، يحدث هذا أثناء حالات الهوس. بخلاف حالات الاكتئاب، والتي قد تشعر فيها بالحاجة الماسة إلى البكاء، وتجربة مشاعر اليأس، والنظر إلى الحياة بشكل سلبي.
مع الاضطراب الثنائي القطب لا تشعر فقط أنك حزين أو وحيد أو عثر الخطى؛ فقد تؤدي حالتك الاكتئابية إلى أفكار انتحارية جادّة وقد تتحول إلى مشاعر نشوة طاغية ونشاط غير عادي. يمكن أن تحدث تقلبات المزاج المتطرفة هذه بشكل متكرر – كل أسبوع مثلًا، ويمكن أن تظهر أكثر بشكل متقطع – ربما مرتين فقط في السنة. ولا يوجد نمط محدد لتقلبات الحالة المزاجية؛ فلا يمكننا الجزم بأن أحدهما يحدث دائمًا قبل الآخر، كما يختلف طول الوقت الذي يقضيه المريض في كل حالة وأخرى. لكن الخبر السار هو أن هناك عددًا من العلاجات التي يمكن أن تبقي مزاجك تحت المراقبة وتتيح لك أن تعيش حياة منتجة.
علامات وأعراض اضطراب ثنائي القطب
نظرًا لوجود العديد من المراحل المختلفة من الاضطراب الثنائي القطب، فقد تختلف العلامات والأعراض من شخص لآخر ومن نوع لآخر.
فيما يلي بعض العلامات والأعراض الأكثر شيوعًا للاضطراب الثنائي القطب، المصنفة حسب الحالة الشعورية.
الأعراض التي تظهر أثناء نوبات الهوس أو الانتشاء
وفقًا لـ DSM-5، تتميز نوبة الهوس بحالة مزاجية مرتفعة أو غير طبيعية أو مزعجة تحدث لمدة أسبوع واحد على الأقل.
تكون نوبة الهوس عادةً حصيلة سلوك موجه أو طاقة موجهة لتحصيل رغبة معينة.
وقد تحدث في شكل آخر مصغر من الحالة المزاجية المرتفعة أيضًا أو العصبية التي تستمر لمدة أربعة أيام متتالية على الأقل.
إذا تم تشخيصك على أنك تعاني من اضطراب ثنائي القطب فقد تواجه أيًا من العلامات والأعراض التالية خلال فترة الهوس:
- فترة طويلة من الشعور المفرط بالسعادة.
- الشعور بالغضب الشديد.
- سهولة التشوّش وفقدان التركيز.
- وجود صراع وتنازع بين الأفكار.
- التحدث بسرعة كبيرة.
- القفز من فكرة إلى أخرى عند الحديث.
- التحمس الزائد والمندفع للكثير من الأعمال الجديدة.
- الأرق أو قلة النوم.
- طاقة مفرطة مع قلة أو عدم الشعور بالتعب.
- الاعتقاد بشكل غير واقعي أنه يمكنك فعل شيء معين لا يمكنك فعله.
- الانخراط في سلوكيات مندفعة وممتعة وبالغة الخطورة (مثل الاستثمارات المالية الضعيفة، الإيذاء الجنسي، والإفراط في التسوق).
- المبالغة في تقدير الذات ونمو الإحساس بالعظمة.
- زيادة الانفعالات.
- زيادة النشاط الموجه.
- ارتفاع الدافع الجنسي
- وضع خطط كبيرة وغير قابلة للتحقيق.
- الانفصال عن الواقع الذي قد يشمل الأوهام أو الهلوسة.
تقوم سلوكيات الهوس بتعطيل الأداء في المدرسة أو العمل، وفي المواقف الاجتماعية وفي العلاقات.
تحدث هذه السلوكيات من تلقاء نفسها – فهي لا تحدث بسبب تعاطي الكحول أو المخدرات، أو المرض الطبي، أو بسبب الآثار الجانبية للدواء.
يتميز الجانب الاكتئابي من حالة اضطراب الثنائي القطب بنوبة اكتئاب كبيرة تؤدي إلى مزاج سيء جدًا أو فقدان للاهتمام أو المتعة في الحياة والأشياء.
إذا كنت تعاني من الاضطراب الثنائي القطب؛ فهذا يعني أنه أثناء نوبات اكتئابك،
قد تواجه بعض العلامات والأعراض التالية:
- الشعور بالحزن، بالرغبة في البكاء، باليأس، أو بالفراغ لمعظم اليوم بشكل يومي.
- انعدام أو قلة المتعة أو الاهتمام في الأنشطة اليومية، خصوصًا تلك التي كنت تستمتع بأدائها.
- تقلبات الوزن – بما في ذلك فقدان الوزن أو زيادته بشكل كبير – السمنة.
- اضطرابات النوم – النوم كثيرًا أو مشاكل أخرى مثل الأرق.
- عدم الارتياح أو تباطؤ السلوكيات.
- الأفكار الانتحارية، التخطيط، وربما المحاولات الفعلية.
- مشاعر الذنب وعدم الاستحقاق.
- عدم القدرة على التركيز.
- التردد الدائم والقلق.
- فقدان الطاقة.
- مشاعر التعب.
- الانفصال عن الواقع، الأوهام أو الهلوسة.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة التي استمتعت بها ذات يوم.
يمكن أن تعطل أيضًا سلوكيات الاكتئاب الأداء بشكل طبيعي في المدرسة أو العمل، أو في العلاقات الأسرية أو الشخصية، والأداء الاجتماعي. إذا كنت تعاني من اضطراب ثنائي القطب وتعاني من نوبة اكتئابية، فبالطبع ليس هذا نتيجة لإساءة استخدام المواد المخدرة أو الأدوية أو نتيجة لموقف معين صادم أو متعب، لكنك خلال إحدى نوبات اكتئاب ثنائي القطب.
ما السبب وراء اضطراب ثنائي القطب ؟
كمعظم الأمراض العقلية، ليس هناك سبب واحد يمكن للعلماء تحديده لإخبارك عن سبب معاناتك من الاضطراب الثنائي القطب. لكن يبدو أن الوراثة من المحتمل أن تمثل حوالي 60-80 ٪ من خطر الإصابة بالاضطراب الثنائي القطب – مما يعني أنها العامل الأكبر في هذه الحالة.
حيث يزداد خطر الإصابة باضطراب ثنائي القطب بشكل كبير إذا كان لديك أقارب من الدرجة الأولى يعانون من هذا المرض.
باقي العوامل تتعلق بشكل أو بآخر بالعوامل البيئية والتجارب الحياتية المختلفة التي يمكن أن تتفاعل مع الاستعداد الوراثي للمرض، كأن تكون قد عانيت من نوع ما من الأحداث المؤلمة أو عن الطريق التعرض لسوء المعاملة، أو من خلال علاقة شخصية مزعجة أو مرهقة من نوع ما.
طريقة تشخيص اضطراب ثنائي القطب
إذا كنت تعتقد أنك تعاني من علامات وأعراض الهوس أو الاكتئاب؛ فاستشر طبيبك.
في كثير من الأحيان، تكون عائلتك أو زملائك في العمل هم أول من يتعرفون على علامات وأعراض الاضطراب الثنائي القطب.
قد تتردد بدايةً في طلب المساعدة – غالبًا لأنك لا تستطيع أن تلاحظ مدى اضطراب حياتك، وربما لأنك تستمتع بالشعور بالنشوة.
مع ذلك، من المهم علاج هذه الحالة حتى تتمكن من إدارة حالاتك الشعورية ولكي تعيش حياة طبيعية ومثمرة، حيث لن يختفي الاضطراب الثنائي القطب من تلقاء نفسه، ومن المرجح أن تعيش معه لبقية حياتك.
لكن مع خطة العلاج الصحيحة؛ يمكنك أن تعيش حياة جيدة.
سيقوم طبيبك أو مقدم خدمات الصحة النفسية بتقييمك جسديًا لاستبعاد أي حالات طبية كامنة قد تسبب حالات الهوس أو الاكتئاب.
إذا لم تظهر أي أسباب جسدية؛ فمن المحتمل أن يتم إحالتك إلى مقدم خدمات الصحة النفسية لإجراء مزيد من التشخيص.
سيقوم أخصائي الصحة النفسية بإجراء سلسلة من التقييمات النفسية لجمع معلومات إضافية حول حالتك.
ستساعده هذه التقييمات في تشخيص وجود هذه الحالة في حياتك وأيضًا تحديد نوع اضطراب ثنائي القطب الذي قد تعاني منه.
خيارات علاج اضطراب ثنائي القطب
هناك العديد من الأدوية الشائعة المستخدمة لعلاج القطبين
تشمل هذه الأدوية:
- مثبتات المزاج.
- مضادات الاكتئاب.
- مضادات الذهان غير التقليدية.
في كثير من الأحيان يبدأ الطبيب بوصف مثبتات الحالة المزاجية، مثل الليثيوم وهو أحد أكثر مثبتات المزاج شهرة وفعالية للأفراد المصابين بـ اضطراب ثنائي القطب.
كما يمكن أيضًا وصف مضادات الصرع لاستخدامها كمثبّت مزاجي.
غالبًا ما يتم دمج مضادات الذهان غير التقليدية مع مضادات الاكتئاب لعلاج الاضطراب الثنائي القطب نظرًا لأن استخدام مضادات الاكتئاب وحدها يمكن أن يؤدي إلى نوبات هوس أو العكس.
وقد تم إثبات فعالية أن يتم تناول مضادات الاكتئاب مع مثبت للمزاج حتى يعمل على استقرار المشاعر.
العلاج النفسي كان أيضًا أداة فعالة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب.
سيساعدك العلاج السلوكي المعرفي على تعلم كيفية تغيير الأفكار أو السلوكيات السلبية أو المؤذية لك.
تركز هذه العلاجات على الأسرة كذلك، حيث تعمل على تعليم استراتيجيات المواجهة، واستشارات التواصل، وكيفية التعامل مع الأزمات.
في الحالات الشديدة، قد تحتاج فعلًا إلى المستشفى من أجل سلامتك. لأنه من المحتمل أن ينتج عن النوبات الشديدة من الهوس أو الاكتئاب سلوكيات محفوفة بالكثير من المخاطر أو أفكار انتحارية غاية في الجدية والخطورة.
إذا كنت تعاني من اضطراب ثنائي القطب فمن المهم اتباع خطة العلاج الخاصة بك. أعط اهتمامًا لكل ما يثيرك أو تشعر معه بأي اختلاف – قد يفيد هذا أثناء علاجك. تحدث مع طبيبك أو مقدم خدمات الصحة النفسية باستمرار، تجنب المخدرات والكحوليات، كما ننصحك تناول الدواء كما هو موصوف – حتى في الأيام التي تشعر فيها بأنك على ما يرام. فباتباعك لخطة العلاج الخاصة بك، وتثقيف نفسك بشأن حالتك، والمشاركة في تقنيات الوقاية سوف يسهم ذلك بشكل إيجابي في تحسين صحتك بشكل عام، وفي منحك الشعور بالرضا عن حياتك.