السمنة المفرطة، مرض القرن الحادي والعشرين
أصبحنا نسمع كثيرًا في يومنا كلمات مثل مصطلحات النظام الغذائي، السعرات الحرارية، الطعام الصحي وغير الصحي و السمنة المفرطة و النحافة وما شابه.
يعكس هذا اهتمامًا واضحًا من مختلف فئات المجتمع لم يكن موجودًا قبل سابق.
يأتي ذلك الاهتمام بعد تطور الوعي الصحي مؤخرًا عن السمنة المفرطة وبعد أن شاعت بشكلٍ وبائيٍ عالمي في جميع الفئات العمرية وفي كل البلدان النامية والمتقدمة.
جوهر هذا الاهتمام يتأتى من ارتباطها الوثيق بالعديد من الأمراض
خصوصًا أمراض آخر العمر، الفترة التي يمكن أن تزيد السمنة من صعوبتها أو أن تقوم باقتطاعها أصلًا من حياتك مبكرًا.
حيث تصل مضاعفاتها إلى زيادة معدلات حدوث الأمراض التي تساهم بشكل كبير جدًا في حدوث الوفاة.
هذا على المدى الطويل، أما بالحديث عن تأثيرها على الحياة اليومية، فزيادة انتشار السمنة يضع عبئًا كبيرًا على استخدام الرعاية الصحية والتكاليف.
في حين يأتي فقدان الوزن (تخسيس الوزن) بفوائد صحية واقتصادية كبيرة.
حيث تستطيع بعض الاستراتيجيات الفعالة لفقدان الوزن أن تتضمن كلًا من العلاج الغذائي والنشاط البدني وتعديل نمط الحياة في آن واحد.
نتكلم في هذا المقال بشكل عام عن تكون السمنة، تشخيصها، أسبابها ولماذا هي من الأمراض الأكثر شيوعًا ؟ وعن علاقاتها بالأمراض الأخرى.
تعريف السمنة المفرطة
يتم تعريف السمنة المفرطة بأنها التراكم غير المعتاد أو المفرط للدهون في الأنسجة الدهنية إلى الحد الذي تتعرض فيه الصحة للضعف الشديد الذي يُعيق صاحبه عن القيام بأنشطة الحياة الاعتيادية.
مدى انتشار السمنة المفرطة في العالم
شهدت السنوات الأخيرة تصاعد مستمر لحدوث السمنة وصولًا إلى حد الوباء.
فهناك وباء عالمي فعلًا للسمنة في جميع الفئات العمرية وفي كل من البلدان المتقدمة والنامية.
رجوعًا إلى عام 1995 كان هناك ما يقدر بنحو 200 مليون من البالغين يعانون من السمنة المفرطة في جميع أنحاء العالم
كما نرى في هذا الرسم البياني:
هذا الرقم تزايد بشكل ملحوظ في عام 2000
حيث زاد عدد البالغين الذين يعانون من السمنة المفرطة إلى أكثر من 300 مليون.
وبالنظر إلى طبيعة هؤلاء السكان، نجد أن السمنة شائعة عمومًا بين الأطفال والبالغين.
إلا أنها سجلت أعلى معدلاتها بين في أطراف العمر طبقًا لعدة عوامل يرد ذكرها فيما بعد.
مؤشرات قياس وتشخصيص السمنة المفرطة
يحتاج الأطباء والمتخصصون أو حتى الأفراد في متابعة أوزانهم عادةً إلى مقياسًا يستندون إليه.
يستطيع الناس من خلال هذا المقياس معرفة إذا كانوا مصابين بالسمنة من عدمه.
وإذا كانوا مصابين فما هي درجة إصاباتهم أو مقدار تعافيهم إذا كانوا بالفعل يباشرون العلاج.
هذا المقياس هو مؤشر كتلة الجسم (BMI) هو معدّل بسيط وشائع الاستخدام لتصنيف درجات مختلفة من السمنة.
ويمكن حسابه بسهولة من وزن الفرد بالكيلوغرام مقسومًا على مربع الطول بالأمتار (كجم / م 2).
وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية الحالية، يُعتبر مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5 وزن أقل من الطبيعي.
في حين يتراوح مؤشر الكتلة لوزن الجسم المثالي بين 18.5 إلى 24.29.
أما عن زيادة الوزن، فينقسم التعبير عنها إلى عدة أقسام أو مستويات، فبدايةً من 25 إلى 29.9 يُعد هذا تمثيلًا للوزن الزائد ما قبل السمنة.
ابتداءً من الثلاثين وأعلى نستطع تسمية هذا بدانةً أو سمنة.
وتنقسم هذه الفئة إلى بدناء من الدرجة الأولى (30-34.9)، والبدانة من الدرجة الثانية (35-39.9 كجم / م 2) والبدانة من الدرجة الثالثة (≥40 كجم).
هناك مؤشرات أخرى كذلك تساعد في الحكم على مقدار السمنة كمقياس محيط البطن أو الخصر، يقاس محيط الخصر عند نقطة الوسط بين الحد الأدنى من القفص الصدري وقمة الحرقفة.
يعطي هذا الرقم معلومة عن تراكم الدهون في البطن مع زيادة الخطر من اعتلال الصحة والوفيات.
يعد محيط البطن الذي يزيد عن 108 سم (40 بوصة) للرجال و 98 سم (35 بوصة) للنساء أو من المؤشرات المقبولة حاليًا لتراكم الدهون المفرطة في البطن.
الأسباب الرئيسية لزيادة الوزن والسمنة المفرطة
خلال العقود الماضية ركزت الكثير من الأبحاث على أسباب السمنة وكيف يمكن الوقاية منها أو علاجها.
هذه بعض من الأسباب المحتملة:
- وجد الأطباء أن بعض الناس أكثر عرضة وراثيًا لزيادة الوزن والسمنة.
- تمتلئ المتاجر بالأطعمة المصنعة التي يصعب مقاومتهاـ هذه المنتجات أيضًا تشجيع الإفراط في تناول الطعام.
- بعض الناس يعانون من الرغبة الشديدة أو إدمان تناول الطعام، هذا ينطبق بشكل خاص على الأطعمة السريعة المحلاة بالسكر عالية الدهون والتي تحفز مراكز المكافأة في المخ، لذلك يعدها العلماء إدمانًا.
- ينفق منتجو الأغذية الكثير من المال على تسويق الوجبات السريعة، ويستهدفون في بعض الأحيان الأطفال الذين ليس لديهم المعرفة والخبرة لإدراك أنهم يتعرضون للخطر.
- ترتبط مستويات الأنسولين المرتفعة ومقاومة الأنسولين بتطور السمنة. لخفض مستويات الأنسولين، قلل من تناول الكربوهيدرات المكررة وتناول المزيد من الألياف.
- يعاني العديد من الأفراد الذين يعانون من السمنة المفرطة من تعطل عمل هرمون اللبتين، وهو هرمون يقوم بخفض الشهية.
- في بعض المناطق، قد يكون العثور على الأطعمة الطازجة الكاملة أمرًا صعبًا أو مكلفًا، ولا يترك للناس خيارًا سوى شراء الأطعمة غير الصحية غير المرغوب فيها.
- اضرار السكر عديدة ويعتقد العلماء أن الإفراط في تناول السكر قد يكون أحد الأسباب الرئيسية للسمنة.
- قد يسهم قلة الوعي والمعتقدات الخاطئة الشائعة في المجتمع في زيادة الوزن مما يمكن أن يجعل من فقدان الوزن أمرًا أكثر صعوبة.
في النهاية نود أن نشير أن السمنة المفرطة – وبعد أن اعتبرها الأطباء مجرد عامل مسبب للعديد من الأمراض- قد اعتبرت حاليًا مرضًا قائمًا بذاته والأكثر من ذلك أنها أحد الأمراض الأكثر شيوعًا بالعالم.
هذا يجعلنا نستشعر ناقوس الخطر الذي يدق في كل مرة نتناول فيها المأكولات الجاهزة، ونتغافل عن ممارسة الرياضة، أو نجد ملابسنا القديمة لم تعد تناسبنا بسبب زيادة الوزن عندها يجب أن نتذكر أن الوقاية خير من العلاج.
اقرأ أيضا: الخيارات المتعددة لعلاج السمنة