التوحد الاسباب والاعراض وطرق العلاج
انتشر الحديث عن التوحد في الآونة الأخيرة بين أفراد الأسر العربية متسائلين عن طبيعة هذا المرض وأسباب إصابة الأطفال به، وما السبب في زيادة الإصابة به في السنوات القليلة الأخيرة؟
فوفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكية، يؤثر مرض التوحد على واحد من بين 59 طفلًا في الولايات المتحدة، وفي الفترة الأخيرة تم تشخيص المزيد من الأطفال المصابين بالتوحد أكثر من أي وقت مضى.
ماهو مرض التوحد؟
يعد التوحد (Autism) حالة طبية معقدة تتضمن خلل في التواصل والسلوك ووظائف الدماغ، وقد يطلق عليه أيضًا اضطراب طيف التوحد، و يشمل التوحد مجموعة واسعة من الأعراض، فمعظم المصابين بالتوحد يعانون من مشكلة في التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى صعوبة فهم ما يفكر فيه الآخرون و هذا بدوره يجعل من الصعب عليهم التعبير عن أنفسهم، إما بالكلمات أو من خلال الإيماءات، وتعبيرات الوجه.
لذا يجب على الآباء والأمهات ملاحظة تطور مهارات أطفالهم الاجتماعية والسلوكية خاصة في السنوات الأولى من عمرهم، لأن المعالجة المبكرة لتلك الاضطرابات تفرق كثيرا في تطورها.
هل يستطيع مصاب التوحد اكتساب مهارات جديدة؟
والأمر الذي يدعو للدهشة أنه قد يعاني الأشخاص المصابون بالتوحد من مشاكل في التعلم، بالإضافة إلى تتطور مهاراتهم بشكل غير متساو، إلا أنهم قد يكتسبوا بعض المهارات سريعا بشكل غير طبيعي، وربما أفضل كثيرا من بعض الأشخاص الطبيعيين، مثل الفن أو الموسيقى أو الرياضيات أو الذاكرة.
وقد يتمتع الشخص المصاب بالتوحد بمجموعة مميزة من نقاط القوة المميزة له، فبعض الأشخاص المصابين بالتوحد قد يتمتعون بالمهارات العالية فى التفكير وحل المشكلات والتركيز.
وعلى النقيض قد يحتاج بعض الأشخاص الذين يعانون من مرض التوحد إلى دعم كبير في حياتهم اليومية، بينما قد يحتاج آخرون إلى دعم أقل.
ما هي أسباب الإصابة بالتوحد؟
لم يعرف بعد الأطباء السبب الأساسي وراء الاصابة بالتوحد إلا انه هناك بعض العوامل التى تساهم بشكل كبير في الإصابة بالتوحد ومنها:
● بعض العوامل الوراثية
هناك بعض العوامل الوراثية التى قد تكون السبب الرئيسية للإصابة بالتوحد، إذ يعتقد بعض الأطباء أن بعض الطفرات التي تحدث في الحيوانات المنوية الخاصة بالأب أو بويضة الأم تساهم في احتمال الإصابة بالتوحد.
و يؤكد ذلك زيادة احتمالية انجاب طفل متوحد بزيادة تقدم عمر الأب، وذلك بسبب تراكم الطفرات في الحيوانات المنوية تدريجياً مع تقدم عمر الرجل، وبالإضافة إلى ذلك في أوائل التسعينات تم العثور على بعض الجينات التي ثَبُت بشكل قاطع أنها تساهم في زيادة خطر الإصابة بالتوحد والتي تسببها بعض الطفرات على كروموسوم إكس.
● بعض الطفرات الجينية
هناك بعض الطفرات الجينية التى قد تزيد من خطر الإصابة بمرض التوحد، و تحدث التغييرات الجينية نتيجة حدوث خطأ فى تعديل الهيستون الصبغي أوفى تعديل قواعد الحمض النووي، ومن المعروف أن هذه الآليات تتأثر ببعض العوامل البيئية، بما في ذلك التغذية والأدوية والإجهاد العقلي.
● بعض الأمور الخاصة بالوالدين قبل الحمل
يرتبط خطر الإصابة بالتوحد بالعديد من عوامل المتعلقة بكل من الام والاب قبل الحمل، بما في ذلك العمر المتقدم في أي من الوالدين، وإصابة أى منهما بمرض السكري.
● إصابة الأم ببعض الأمراض أثناء الحمل
أشارت بعض الدراسات الطبية أن العدوى الفيروسية قبل الولادة أحد الأسباب الرئيسية غير الوراثية للإصابة بمرض التوحد، مثل الحصبة الألمانية، أو الفيروس المضخم للخلايا قبل الولادة الذي يساهم بشكل كبير فى تنشيط استجابة الأم المناعية، والتى بدورها قد تزيد كثيرا من خطر الإصابة بالتوحد.
● وجود تاريخ عائلي بإصابة أحد أفراد الأسرة بمرض التوحد.
● أمراض المناعة الذاتية والالتهابات
يمكن لبعض الأمراض الالتهابية، وأمراض المناعة الذاتية خاصة أثناء المراحل الاولى من الحمل أن تلحق الضرر بالأنسجة الجنينية، بما فى ذلك الإضرار بالجهاز العصبي، مما يساهم بشكل كبير فى الإصابة بمرض التوحد.
● إصابة الأم ببعض الأمراض
هناك بعض الأمراض الخاصة بالأم التي من المحتمل أنها تزيد من خطر اصابة بالتوحد مثل :-
1. اضطرابات الغدة الدرقية
هناك بعض الأمراض التي تصيب الغدة الدرقية والتي من شأنها تؤدي إلى نقص هرمون الغدة الدرقية في الأم خاصة في الأسابيع 8-12 من الحمل؛ وذلك لأنها من الممكن أن تسبب بعض التغييرات في دماغ الجنين مما يؤدي إلى الاصابة بمرض التوحد.
2. مرض السكري في الأم أثناء الحمل
يعد إصابة الأم بالسكري أثناء فترة الحمل من أكثر الأمور خطورة لزيادة فرصة إصابة الجنين بالتوحد، ففي عام 2014 أثبتت بعض الدراسات أن داء السكري لدى الأمهات مرتبط بشكل كبير بزيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض بما في ذلك خلل في عملية الأيض الغذائي وعمليات الأكسدة، و اللذان يُعتقد أنهما يساهمان فى الإصابة بمرض التوحد
3. إصابة الأم بالسمنة المفرطة أثناء الحمل
قد تزيد إصابة الأم بالسمنة أثناء الحمل أيضًا من خطر الإصابة بالتوحد، إلا أن ذلك الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة.
4. سوء التغذية لدى الأمهات قبل، وأثناء الحمل
نظرا لأن النظام الغذائي للأم يؤثر على نمو الجنين خاصة نمو الجهاز العصبي، فإن تعرض الأم لسوء التغذية أثناء الحمل أو قبله يساهم بشكل كبير في زيادة فرصة الإصابة بالتوحد.
وهناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن حمض الفوليك الذي يتم تناوله أثناء الحمل يمكن أن يلعب دورًا في الحد من حالات التوحد، إذ يحفز النمو الجيد للجهاز العصبي للجنين.
5. إجهاد الأم قبل الولادة
تشير بعض الأبحاث أن الإجهاد قبل الولادة سواء الإجهاد العصبي الناجم عن ضغوطات الحياة، أو الإجهاد البدنى يساهمان بشكل كبير فى زيادة فرصة الإصابة بالتوحد، كما أفادت بعض الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن الإجهاد قبل الولادة يمكن أن يعرقل نمو المخ، والذي ينتج عنه سلوكيات تشبه أعراض مرض التوحد.
تناول الأم للأدوية المثبطة لامتصاص السيروتونين
تشير بعض الأبحاث إلى أن تناول الأم للأدوية المثبطة لامتصاص السيروتونين الانتقائية أثناء الحمل يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالتوحد
● تناول الأم لبعض الأدوية النفسية مثل عقار الفالبوريك أثناء الحمل خاصة خلال الأسابيع الثمانية الأولى من الحمل.
-
البيئة المحيطة بالولادة
على عكس ما يعتقد البعض يمكن أن يرتبط التوحد ببعض الأمور التي تجرى أثناء عملية الولادة؛ ففي مراجعة أجريت عام 2007 لعوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بالتوحد، أكدت أن انخفاض الوزن عند الولادة ومدة الحمل، ونقص الأكسجين أثناء الولادة يرتبطوا بزيادة فرصة الإصابة بالتوحد، بالإضافة الى ذلك هناك أدلة متزايدة على أن تعرض الجنين للهواء الملوث لفترة ما أثناء الولادة قد يكون عامل خطر للإصابة بمرض التوحد.
ما هي أعراض الإصابة التوحد؟
تظهر أعراض مرض التوحد قبل أن يبلغ الطفل الثالثة من العمر، وتشمل الأعراض الشائعة لمرض التوحد:
- عدم النظر إلى الآخرين أو الاستماع إليهم.
- نطاق ضيق جدا من الاهتمامات.
- الاهتمام الشديد بمواضيع محددة واشياء خاصة دون غيرها.
- القيام بعمل شيء معين مرارًا وتكرارًا، مثل تكرار الكلمات أو العبارات.
- فقر شديد في التواصل البصري مع الآخرين
- حساسية عالية للأصوات، أو اللمسات، أو الروائح، أو المشاهد التي تبدو عادية للأشخاص الآخرين.
- عدم الرغبة في الاحتضان من قبل أي شخص.
- مشاكل في فهم أو استخدام الكلام أو الإيماءات أو تعبيرات الوجه أو نغمة الصوت.
- عدم النظر إلى الأشياء عندما يشير إليها شخص آخر
- مشكلة في التكيف مع التغييرات في الروتين اليومي له.
- عادة ما يعانى بعض الأشخاص المصابين بالتوحد من النوبات العصبية والتي لا تظهر إلا في سن المراهقة.
- الإصابة بمتلازمة اسبرجر.
- اضطراب في النمو
- عدم اللعب بشكل تفاعلي مع الأطفال الآخرين.
- الاضطرابات السلوكية كالعدوانية الشديدة مع الأطفال الآخرين.
- العجز عن فهم اللغة.
- تأخير في تعلم الكلام
- قد يصاب باضطرابات في النوم
- ترتيب الألعاب الخاصة به بأسلوب منظم ومرتب جدا
- الانطوائية الشديدة والميل للعزلة.
وتظهر عادة مؤشرات التوحد في عمر 2 أو 3 سنوات، وربما قد تظهر بعض حالات التوحد في وقت مبكر، وغالبًا ما يمكن تشخيصها في عمر 18 شهرًا، و تُظهر الأبحاث الطبية الحديثة أن التدخل المبكر يؤدي إلى نتائج إيجابية في وقت لاحق من الحياة للأشخاص الذين يعانون من مرض التوحد.
كيف يتم تشخيص مرض التوحد؟
يتضمن تشخيص مرض التوحد عدة فحوصات واختبارات وراثية وتقييمات مختلفة، وتوصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) بأن يخضع جميع الأطفال لفحص طيف التوحد ( ASD )في سن 18 و 24 شهرًا؛ وذلك لأن الفحص المبكر يمكن أن يساعد في التعرف المبكر على الأطفال الذين قد يعانون من التوحد.
وعلى الرغم من أنه لا يوجد اختبار يمكن أن يؤكد وجود مرض التوحد بشكل تام، إلا أنه يمكن للأطباء استخدام بعض الإجراءات الطبية مختلفة للمساعدة في تشخيص مرض التوحد ومنها :-
● زيارات الطفل إلى طبيب الأطفال
يعد أطباء الأطفال هم الخطوة الأولى في عملية تشخيص مرض التوحد، حيث يحصل كل طفل على تقييم من خلال فحوصاتهم لمدة 18 و 24 شهرًا؛ للتأكد من أنهم على المسار الصحيح، حتى لو لم يكن لديهم أي أعراض.
في هذه الزيارات، سوف يشاهد طبيب أطفال الطفل ويتحدث معه لمعرفة ما إذا كان يعانى من التوحد ام لا،
و سوف يوجه الطبيب بعض الاسئلة الى الأم والتي تساهم بشكل كبير فى تشخيص مرض التوحد ومنها:-
- هل ابتسم الطفل من سن 6 أشهر أم لا ؟
- هل أي من تصرفاته غير عادية أو متكررة؟
- هل لديه مشكلة في الاتصال بالعين؟
- هل يستجيب عندما يحاول شخص ما لفت انتباهه؟
- هل يفهم تصرفات الآخرين؟
- هل هو حساس للضوء، الضوضاء، أو درجة الحرارة؟
- هل يعانى من أي مشاكل مع النوم أو الهضم؟
- هل يميل إلى الانزعاج أو الغضب بسرعة ؟
وإذا تأكد الطبيب من كل هذة الأسئلة ولم يكن لديه أي مخاوف نحو إصابة الطفل بالتوحد، فإن التشخيص قد انتهى عند هذا الحد، ولكن إذا كان الطفل يعاني من مشاكل في النمو أو كان لدى الطبيب مخاوف من احتمالية إصابته بالتوحد، فسوف يحيل طبيب الاطفال الطفل لبعض الأخصائيين مثل فريق من متخصصي ASD – أخصائي نفسي للأطفال، أخصائي علم أمراض النطق، وأخصائي علاج مهني لتأكيد التشخيص، ومن الاختبارات الأخرى التي يلجأ إليها الطبيب لتشخيص مرض التوحد
● مخطط كهربية الدماغ (EEG)
يقيس مخطط كهربية الدماغ موجات المخ التي يمكنها إظهار اضطرابات النوبات التي يعاني منها الطفل المصاب بالتوحد، بالإضافة إلى ذلك، قد يشير مخطط كهربية الدماغ إلى وجود أى أورام أو تشوهات أخرى في الدماغ.
● الفحص الأيضي
يمكن قياس معدل الايض فى الجسم من خلال بعض اختبارات الدم والبول، والتى من خلالها يمكن ملاحظة نمو وتطور الطفل
● التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)
ينطوي التصوير بالرنين المغناطيسي على استخدام معدات الاستشعار المغناطيسي للحصول على صورة للمخ بتفاصيل دقيقة للغاية.
● الاختبارات الجينية
هناك بعض الاختبارات الجينية التي يلجأ إليها الطبيب لمعرفة ما إذا كان الطفل يعانى من التوحد ام لا وذلك من خلال ملاحظة أي تغير في الجينات، وما إذا كان الطفل يعانى من اى طفرات ام لا مثل طفرات دي نوفو الجينية
● كيف يتم علاج مرض التوحد؟
من الجدير بالذكر انه لا يوجد علاج لمرض التوحد، وتنطوي جميع العلاجات المستخدمة فى هذا المجال على، مساعدة مريض التوحد على الشعور بتحسن أو تخفيف أعراضه ممثل:-
1. العلاج السلوكي
2. علاج النطق
3. العلاج بالممارسة
يساعد هذا النوع من العلاج الطفل على تعلم بعض مهارات الحياة مثل التغذية وارتداء الملابس، والاستحمام، وفهم كيفية الارتباط بالأشخاص الآخرين، وتهدف المهارات التي يتعلمها إلى مساعدته على العيش بشكل مستقل بقدر استطاعته.
4. تحليل السلوك التطبيقي (ABA)
يُستخدم ABA غالبًا في المدارس، والعيادات لمساعدة الطفل على تعلم السلوكيات الإيجابية وتقليل السلوكيات السلبية.
5. برنامج تنمية مهارات طفل التوحد بالعلاقات
هذا النوع من العلاج المعروف باسم Floortime، لا ينطوي فقط على مشاركة الطفل فى اللعب، و القيام بالأنشطة التي يحبها، بل يهدف أيضا إلى دعم النمو العاطفي، والفكري من خلال مساعدته على تعلم المهارات حول التواصل والعواطف.
6. علاج وتعليم الأطفال المصابين بالتوحد .
يستخدم هذا العلاج إشارات مرئية مثل بطاقات الصور لمساعدة الطفل على تعلم المهارات اليومية مثل ارتداء الملابس، حيث يتم تقسيم المعلومات إلى خطوات صغيرة حتى يتمكن الطفل من تعلمها بسهولة أكبر.
7. نظام الاتصالات لتبادل الصور (PECS)
يعتبر هذا العلاج نوعا آخر من العلاج المرئي، ولكن عوضا عن استخدام بطاقات الصور يعتمد هذا النظام على استخدام بعض الرموز، ومن خلاله يستطيع الطفل طرح الأسئلة والتواصل من خلال الرموز الخاصة.
8. العلاج بالتكامل الحسي
عادة ما يلجأ الأطباء إلى استخدام هذا النوع من العلاج في الأطفال الذين يغضبون بسهولة من بعض الاشياء مثل الأضواء الساطعة، أو أصوات معينة أو الشعور باللمس، والذي يهدف إلى مساعدة الأطفال في تعلم كيفية التعامل مع هذا النوع من المعلومات الحسية.
9. تناول بعض الأدوية
في بعض الحالات عادة ما يلجأ الأطباء الى وصف بعض الأدوية لبعض الأطفال المصابين بالتوحد التى يمكن أن تساعد في تخفيف بعض الأعراض المصاحبة مثل الاكتئاب، والنوبات، والأرق، وصعوبة التركيز، كما أظهرت الدراسات أن الدواء يكون أكثر فاعلية عندما يتم دمجه مع العلاجات السلوكية.
يجب أن يعلم أفراد الأسرة أن مرض طيف التوحد من الأمراض المزمنة الذي قد تصاحب الطفل لفترات طويلة، مما يلزم توفير كل سبل الدعم النفسي و الاجتماعي له حتى يستطيع التكيف مع التوحد ويقلل من حدة أعراضة ليندمج مع أقرانه بسهولة.
المصادر والمراجع:
www.webmed.com
www.mayoclinic.org